هدفت هذه الدراسة إلى فحص أثر اضطراب كرب ما بعد الصدمة لدى الأمهات الناجيات من العنف الأسري، واستكشاف انعكاساته على أبنائهن من حيث مستوى الأمن النفسي وظهور السلوكيات العدوانية. تكونت العينة من (10) أمهات من مستفيدات جمعية حماية الأسرة بمدينة جدة، تم اختيارهن قصديا وفق معايير محددة. اعتمدت الدراسة المنهج المختلط؛ حيث استُخدم مقياس اضطراب كرب ما بعد الصدمة (PCL) بتعريب الخطاب ويونس (2024) لجمع البيانات الكمية وتحليلها باستخدام المتوسط الحسابي والانحراف المعياري لتحديد مستوى الاضطراب لدى الأمهات، في حين استُخدمت مقابلات شبه مقننة من إعداد الباحثة للكشف عن التأثيرات النفسية والسلوكية في العلاقة بين الأم والطفل.
أظهرت النتائج أن مستوى اضطراب كرب ما بعد الصدمة لدى الأمهات يقع في المدى المتوسط إلى المرتفع، مع بروز أعراض التجنّب والاقتحام وفرط الاستثارة الانفعالية. وكشفت البيانات النوعية عن ثلاثة أنماط رئيسية تمثلت في: التأثيرات النفسية (مثل القلق والحزن والشعور بالعجز)، والتأثيرات الاجتماعية (كالانسحاب وصعوبة التفاعل)، وتأثير الاضطراب على العلاقة بالأبناء من خلال ضعف التواصل وغياب الاستقرار الانفعالي. كما أظهرت الإفادات تشابهًا مع النتائج الكمية، مما يعزز صدق التكامل بين المنهجين.
وأشارت روايات الأمهات إلى أن معاناتهن من الصدمة انعكست على أطفالهن في صورة ضعف الأمن النفسي وظهور سلوكيات عدوانية لفظية وجسدية. وأكد تلاقي نتائج التحليلين الكمي والنوعي أهمية التدخلات النفسية المتخصصة لدعم الأمهات وتحسين الصحة النفسية الأسرية. وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات والمقترحات الداعية إلى تصميم برامج علاجية وتربوية تسهم في الحد من الآثار الممتدة للعنف الأسري وتعزيز الأمن النفسي للأطفال.