أصبحت الأسرة والمدرسة غير قادرتين على الاستمرار كمرجعية قيمية وأخلاقية للناشئة لسبب وجود مصادر جديدة لإنشاء القيم وتوزيعها، حيث أصبح التسارع اليوم مذهلاً في حركة الاتصالات وشيوع تطبيقات شبكة الانترنت كوسيلة اتصال جماهيري وكذلك انتشار استخدامها في أوساط الشباب ومالها من سمات اتصالية كونت لديهم مجتمعاً افتراضياً بصورة ربما انعكست آثارها بشكل سلبي أو إيجابي على بعض قيمهم الاجتماعية. كما أصبح المجتمع الافتراضي بمواقعه المختلفة واقعاً يساهم في توجيه الأفراد وتنشئتهم، وقوة المجتمعات وضعفها لا تتحدد بالمعايير المادية وحدها بل إن بقاءها واستمرارها مرهون بما تمتلكه من معايير قيمية وخلقية. لذلك، تحاول الدراسة الحالية تحديد تأثيرات التواصل داخل المواقع المختلفة للمجتمع الافتراضي على قيم المواطنة لدى الشابات في الجامعات السعودية، وخاصة أن هذا التواصل يعتبر أحد الروافد الأساسية للتواصل نظراً لطبيعة المجتمع وخصوصيته المتحفظة في التعامل مع المرأة، وكذلك أثر ذلك على تفعيل المشاركة الاجتماعية؛ حيث ما زالت المشاركة تقتصر على النخب، وكذلك على الجوانب الاجتماعية لصالح بعض الفئات. ويعتبر الشباب من الفئات الفاعلة في أي مجتمع؛ لاسيما وأن الفتيات يمثلن نصف الطاقة البشرية الشابة. وقد تم اختيار عينة عشوائية عرضية من الشباب السعودي في المملكة، موزعة على مناطق بالمملكة خلال شهر ونصف؛ حيث قد وصل عدد العينة إلى ٤٣٣ فرداً. وقد تم استخدام أدوات الدراسة متمثلة في استبيان إلكتروني كأداة لجمع البيانات. وكان من أهم النتائج أن المتوسط العام لأثر استخدام الشباب السعودي لمواقع المجتمع الافتراضي في إكساب قيم المواطنة كانت بنسبة ٧٩,٨ %، إلا أن إكساب القيم التي تدعم الهوية الوطنية كانت أعلى القيم من منظور عينة البحث بنسبة أعلي من المتوسط العام التي وصلت إلى ٨٤,٢٦ % وجاء أثر مواقع التواصل الاجتماعي في إكساب الوعي بالحقوق والواجبات في المرتبة الثانية؛ إلا أن قيم الانتماء وقفت عند حد ٧٠ % تقريباً. كما أن نتائج الدراسة أكدت الفرض القائل إنه توجد علاقة طردية بين تعدد الأجهزة التي يستخدمها الشباب السعودي لمواقع التواصل الاجتماعي وتقديرهم وأثر مواقع التواصل في دعم قيم المواطنة لديهم، وهي علاقة إيجابية قوية ذات دلالة إحصائية عند مستوى معنوية ٠,٠١