تتناول هذه الدراسة اهتمام اثنين من الرحّالة إلى بلاد الحجاز بالسيرة النبوية، أحدهما: الرحالة أبو عبد الله محمد العَبدري خلال رحلته من بلاد المغرب إلى بلاد الحجاز لأداء فريضة الحج، والمجاورة في مكة، وذلك سنة688ه، والآخر: الرحالة أبو البقاء خالد بن عيسى البلوي، خلال رحلته من بلاد الأندلس إلى بلاد الحجاز لأداء فريضة الحج، وطلب العلم سنة 737هـ. وكلتا الرحلتين في العصر المملوكي (648هـ-923هـ)، وتبرز أهمية الدراسة في التعريف باتجاه كتابة السيرة النبوية في القرنين السابع، والثامن الهجريين، وذلك من خلال ما تم تدوينه في رحلتيهما من روايات في السيرة النبوية، وحرصهما عند الالتقاء بالعلماء في البلدان التي مرا بها على قراءة مؤلفات السيرة النبوية، مما يوضح أبرز المؤلفات التي كانت منتشرة ومتداولة في عصريهما، وكذلك ما كان منتشرًا في عصريهما من جهل، وبدع، وغلو في النبيr.
وكان من أبرز نتائج الدراسة، تأكيد أهمية رحلة العبدري، والبلوي كمصدر لحياتهما العلمية، حيث برزت العلوم التي برعا فيها، والعلماء الذين أخذا عنهم. كما ظهر الاتجاه في كتابة السيرة النبوية في القرنين السابع، والثامن الهجريين، وتأثر هذا الاتجاه بالمذهب الصوفي من خلال انتشار المدائح النبوية التي تحوي مغالاة في النبيr، وأيضًا أبرز مصادر السيرة النبوية التي كانت متداولة في عصريهما.