ملخص البحث
علم الحديث جنس تنطوي تحته أنواع كثيرة، ولقد تباينت أقوال أهل العلم بالحديث في عَدّها وحصرها، ومن هذه الأنواع ما هو متعلق بالمتن، ومنها ما هو متعلق بالإسناد، ومنها ما هو متعلق بهما، ومن هذا الأخير علم العلل، وهو أدقُّها وأعمَقُها، والذي يراد به: القوادح التي يرد بها أئمة النقد الأحاديث والقرائن الموصلة إلى ذلك، وهي كثيرة ومتشعبة، تحتاج إلى فهم حادّ، وذكاء وقّاد، وقبل ذلك توفيق من الله ربّ العباد. ومن هذه القرائن = طبقات الرواة عن الشيوخ، وذلك أن غالب هذا العلم قائم على اختلاف الرواة في الرواية على شويخهم، فمنهم من يروي الحديث عن شيخه مرسلا وغيره يرويه عنه مسندا، ومنهم من يرويه مرفوعا وآخر يرويه موقوفا، ومنهم من يرويه مختصرا، في حين أن غيره يرويه مطولا مع زيادات مؤثرة، فكان تقديم الأضبط لحديث شيخه والأكثر ملازمة له أحد أهم وسائل الوقوف على العِلَّة، وهو مرادهم بعلم طبقات الرواة عن الشيوخ، قال ابن المبارك رحمه الله: "إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم فيما بينهم" الجرح والتعديل (1/271).
لذلك، فإن هذا البحث يجلي هذه المسألة ويعطي صورة عن هذه القرينة التي لا يستغني عنها كل طالب علم حديث مشتغل بعلم العلل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.