حكم استكتاب البحوث وانتحالها في الفقه الاسلامي

2004
المجلد الثاني
العدد الأول
مجلة العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية

الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ،والصلاة والسلام على محمد نبي الأميين والقارئين والباحثين عن الحق، الذي جاء ليتمم مكارم الأخلاق؛ فدعا إلى الصدق والأمانة، ونهى عن الكذب والخيانة والزور والتزوير والغش والخداع ، ورضي الله عن الصحابة والسلف الصالح من العلماء الذين ضربوا المثل الأعلى في الصدق والأمانة فيما تحملوا من الأحاديث والآثار والأقوال، فنقلوها حرفيا بلا تبديل أو تحريف ، حين إن أحدهم إذا شك في كلمة؛ قال:( أشك، أو يقول: شك فلان ) ، أو يقول كلمة قريبة من ذلك ، بما يدل على الدقة في النقل، والدقة في نسبة ما يقول إلى صاحبها .

وقد نبتت بين كثير من طلبة العلم وطلبة الجامعات، ومنهم طلبة الدراسات العليا، وعند بعض الباحثين، نابتة سوء، بدأت تذر قرنها على استحياء " ألا وهي: انتحال بحوث الآخرين، وتبنيها، دون إشارة إلى أصحابها، أو إلى الكتب التي أخذوا منها، وقد يكون ذلك في غفلة من صاحب البحث، أو على علم منه، أو بفعل منه وتواطؤ معه ؛ بأن يستكتبه البحث الذي يريد ! وتكون الأجرة حسب الاتفاق ! وهذه الظاهرة أصبحت تدوخ العاملين المتابعين هذه البحوث؛ لضحالة الباحث، لغة وفقها وثقافة، ثم يأتي ببحث متقن يعجز فحول العلماء أن يأتوا مثله في تلك المدة فصل دراسي، أو شهر، وربما أقل من ذلك  وقد رأيت بعيني وسمعت بأذني ما أكد ظني: أن بعض هذه البحوث لم تكن من فعل الباحث أو الطالب ، وإنما كتب له  واصبح حديث الكثير ممن يفترض فيهم أن يكونوا طلبة علم البحث عن الكاتب الذي يحسن كتابة البحوث؛ حين يفصل لهم بحثا، بالطريقة الي يريدون ، والمدة الي يريدون ، وعلى قدر ما يدفعون !.بل قد تكون الأبحاث جاهزة عنده ؛ يعطي البحث الواحد أكثر من شخص ، مع شيء من التحوير والتقدم والتأخير! وكذلك أصبح حديث القائمين على أمر البحوث، الشك في هذه البحوث وجدارة أصحابها بها، واحتار الكثير بين أن يعطي الطالب درجة عالية بجودة البحث الذي قدمه، وبين أن يرفضه؛ لقناعته أن هذا البحث ليس من فعل الطالب ؛ وإتيان الطالب هذا البحث الجيد له تفسيران :                  

الأول: أن يكون الطالب قد وقع على كتاب في موضوعه فرسمه كما هو إلا صفحة العنوان.   

الثاني : أن يكون قد كتبه له شخص ، ذو خبره بالبحوث، وكيفية بنائها، وما يطلب فيها !. لذلك أحببت أن أكتب في هذا الموضوع مبينا خطر الظاهرة وأثرها على مقدم البحث وأثرها على المجتمع والأمة ونهضتها، وحكم ذلك العمل شرعا، سواء بالنسبة للطالب الذي قدم البحث، أو بالنسبة للشخص الذي صنع البحث متبرعا أو مأجورا ، والله تعالى أسال أن يرشدني إلى الصواب وأن يجنبني الخطأ والزلل فإنه الهادي إلى سوء السبيل.

وقد قسمت هذا البحث إلى تمهيد وسبعة مباحث :    

التمهيد: في معن الاستكتاب ومقاصد البحوث وصور الاستكتاب، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: معن الاستكتاب.           

المطلب الثاني: مقاصد البحوث.           

المطلب الثالث: صور الاستكتاب.         

المبحث الأول: في أسباب هذه الظاهرة.  

المبحث الثاني: في حكم استكتاب الناس في قضية أو بحث ما؛ وفيه مطلبان:         

المطلب الأول: ما كان القصد منه حسنا.  

المطلب الثاني: ما كان القصد منه خبيثا.  

المبحث الثالث: في أطراف جريمة الاستكتاب والانتحال ومخاطرها، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: أطراف هذه الجريمة.     

المطلب الثاني: آثار هذه الجريمة ومخاطرها.        

المبحث الرابع: في مراحل جرعة الانتحال، وحكم كل مرحلة، وفيه مطلبان:         

المطلب الأول: مراحل جريمة الانتحال؛ وهى خمس مراحل:  

الأولى: نية انتحال البحث.     

الثانية: الاتفاق مع الآخرين على الكتابة له.          

الثالثة: كتابة غيره للبحث.      

الرابعة: انتحال الطالب للبحث.

الخامسة: إجازة البحث مع العلم بانتحاله.

المطلب الثان: حكم كل مرحلة.            

المبحث الخامس: في حكم ما ترتب على الانتحال من حقوق ومكاسب وفيه ثلاثة مطالب:      

المطلب الأول: ما ترتب للمؤلف المنتحل مؤلفه من حقوق.     

المطلب الثان: ما ترتب على الانتحال من كسب للمنتحل.       

المطلب الثالث: حكم أجرة من كتب بحثا لغيره.      

المبحث السادس: في عقوبة المشتركين في الانتحال.            

المبحث السابع: فيما يتعلق بمراكز التحقيق وبجان التأليف.

الخاتمة: في النتائج والمقترحات            

3- حكم استكتاب البحوث وانتحالها في الفقه الاسلامي محمد جميل محمد ديب مصطفى.pdf