إن هذا البحث عبارة عن مقاربة تطبيقية للبعد التداولي، الذي يربط بين الأبنية اللغوية وطرفي الخطاب في ظل السياق والمقاصد، اتخذ من فن التوقيعات الأدبي (توقيعات هارون الرشيد) أنموذجا له؛ لأن التوقيع تفاعل خطابي ينتج عنه ردة فعل، قائم على استعمال اللغة والتلاؤم بين التعبير والسياق المرجعي والمقامي. واعتمد على ثلاثة محاور ؛ أولها السياق وله دور مهم في المقاربة التداولية لتوقيعات هارون الرشيد، حيث ينشأ عنه استخدام لغة تواصلية قائمة على الحجة واستثمار اللغة لإقناع المرسل إليه، منها ما هو إلزامي، توجيهي، تعبيري تضامني، أو خاضع لسلطة المرسل. وثانيها الافتراض المسبق وهو قائم على اعتقاد المرسل بامتلاك المرسل إليه معلومات سابقة تمكنه من فهم مقصد المرسل. وثالثها الأفعال الكلامية التي تستلزم الأداء والتصرف، اللذان كان لهما دور بالغ الأثر في توقيعات هارون الرشید، وأنتجا أفعالا دالة، إنجازية وتأثيرية، كشفت عما يؤمن به المرسل من حقائق واستنتاجات تؤثر على المرسل إليه وتدفعه إلى الاقتناع. وقد عالج البحث إشكالية إخضاع توقيعات هارون الرشيد للدرس التداولي، وفق المنهج الوصفي وخرج بنتائج أبرزها أن توقيعات هارون الرشید حققت التضافر الأسلوبي، وكشفت عن علاقة العلامات بمستعمليها، وأنها ذات وظيفة تواصلية، وكذلك وظيفة توجيهية وإلزامية للمرسل، وتأثيرية للمرسل إليه، وتفسيرية للسياق.
البعد التداولي في توقيعات هارون الرشید
المجلد السادس
العدد الثاني
مجلة العلوم الإنسانية
التداولية
الافتراض المسبق
التوقيعات
السياق