استطاع سيف الدولة الحمداني أن يكون إمارته في حلب، ويجعلها تعيش نهضة حضارية وازدهارا في جميع المجالات، وانعكست هذه النهضة على الحياة الاجتماعية التي هي موضوع الدراسة، حيث تعددت عناصر السكان واختلفت أجناسهم وطوائفهم من عرب و کرد وأتراك وفرس وإفرنجة ودیلم، والتي انصهرت - إلى حد كبير مع بعضها في الحياة الاجتماعية. وكان من عناصر المجتمع أيضا أهل الذمة الذين امتزجوا بطبقات المجتمع، وتمتعوا بالحرية الدينية والثقافية، بل إن الأمراء قربوا طائفة منهم في بلاطهم، فكان منهم الأطباء والكتاب والفلكيون وغيرهم من المبدعين. وانقسم المجتمع إلى طبقتين، طبقة الخاصة التي كانت تشمل الأمراء والوزراء ورجال الدولة وأصحاب الوظائف الدينية، وهي الطبقة ذات السلطة والنفوذ والمال، وطبقة العامة، وتشمل الفلاحين والصناع والعبيد والمساكين والباعة. كما عرف المجتمع في ذلك الوقت الاحتفال بكثير من الأعياد الدينية الخاصة بالمسلمين وبغير المسلمين، وما كانت تضيفه هذه الاحتفالات من جؤ البهجة والسعادة بين جميع طبقات المجتمع. وكان لهم وسائل للترفيه والتسلية، ولعلها شملت بوجه خاص الطبقة الثرية في المجتمع، وأبرز هذه الوسائل الترفيهية الشعر والمناظرة، ولعب الشطرنج والنرد، وركوب الخيل والصيد، واللجوء إلى الحمامات والأديرة لقضاء أوقات هادئة والاستمتاع بسحر الأماكن وجمالها. وخلاصة الدراسة أن الحياة الاجتماعية في حلب في عهد بني حمدان كان عناصر السكان فيها منسجمين مع بعضهم البعض، وكان لهم دور بارز في بناء المجتمع، وفي النهضة الحضارية والعمرانية التي شهدتها البلاد في ذلك الوقت.
الحياة الاجتماعية لإمارة حلب في عهد الدولة الحمدانية
المجلد الثاني
العدد الثاني
مجلة العلوم الإنسانية
.