تتناول هذه الدراسة موضوعًا مهمًا من موضوعات الدراسة الفنية للشعر،
وهو موضوع هيكل القصيدة، ووقع الاختيار على الشاعر الأندلسي يحيى بن
الحكم (الغزال)، لأني لم أجد دراسة مستقلة تتناول هذا الموضوع لدى الشاعر،
فضلًا عن تميز الغزال في هذا المجال. تهدف الدراسة إلى إبراز تميز الغزال
في هيكل القصيدة، وحسن توظيفه لذلك وتوافقه لما كان يقصده ويرمي إليه،
معتمدة في ذلك على المنهج الوصفي، إلى جانب الإحصاء والتحليل. تتكون
الدراسة من تمهيد يعرف بالشاعر، يتبعه مبحثان، يتناول الأول بناء الهيكل
الشعري، وفيه ستة مطالب: الأيتام، النتف، المقطوعات، القصائد، فالبحور،
وأخيرًا الروي، ثم المبحث الثاني: بناء القصيدة، وفيه أربعة مطالب: المطلع،
المقدمة، حسن التخلص، الختام. وقد أثبت البحث أن الغزال في قصائده كان
على قدر متميز في بناء هيكل القصيدة، حيث أصبحت قصائده تمثيلًا صادقًا
لمشاعره وخاصة تجاه مجتمعه، واتضح هذا من خلال مطالعه التي باشرتْ
بعضُها الموضوعَ مباشرة، وقد أجاد في حسن تخلصه في قصائده التي تعددت
موضوعاتها، فلم يُشعر معها بالانتقال من موضوع لآخر، كما أن خواتيمه
جاءت متوائمة مع مطالعه فأعاد أعجاز القصائد على صدورها. وفي أوزانه
وبحوره نظم في معظم البحور الشعرية بما يتوافق مع الأغراض
والموضوعات التي طرقها. أما قوافيه فقد استعمل فيها نصف حروف العربية
تقريبًا، وجاء استعماله لها شديد الارتباط بالمعاني التي تناولها.