المستخلص
كثر الجدل حول الموشح الأندلسي، أصلهِ، ونشأته، ومخترعه، وبنيته، وتأثره، وتأثيره، وقد أسهمت الخرجة، وهي القفل الأخير من الموشح في إذكاء روح الجدل؛ لأنها وإن كانت جزءًا من الموشح، وقفلاً من أقفاله إلا أن لها خصوصية استقلت بها عما سواها من الأقفال فضلاً عن الأدوار، تأتي هذه الأوراق لدراسة هذا الجزء المهم من الموشح، الذي وإن وقع خاتمة له إلا أنه في بعض الآراء أول ما يبنيه الوشاح من موشحته؛ لما له من مزية ومكانة في ذات الموشح، وعند قائله، ومتلقيه، قراءة أو إنشادًا أو تلحينًا. لقد انفردت الخرجة في الموشح الأندلسي بسمات عدها بعضهم واجبة، ولو وقعت في قفل قبل الخرجة لكانت من الهنات، بينما لو افتقرت إليها الخرجة لعُدَّت معيبة، ومن أبرزها: اشتمال الخرجة على لفظة أو أكثر غير فصيحة أو غير معربة سواء أكانت باللهجة العامية أم باللغة الأعجمية، كما أنها انفردت بمعجم لغوي خاص، وتميزت عن سواها باستيعابها للتضمين جزئيًا أو كليًّا، ولعل في هذه الأوراق ما يبين اشتمال الخرجة على التضمين من قصائد وموشحات وأزجال سابقة، وهو ما لم يسبق إليه قفل عداها، إضافة إلى ما سوى ذلك مما انفردت به عن بقية الموشح، وختامًا، فإن هذه الأوراق جاءت لتؤكد ما قاله ابن سناء الملك من أن الخرجة «أبزار الموشح وملحه وسكره، ومسكه وعنبره، وهي العاقبة، وينبغي أن تكون حميدة، والخاتمة، بل السابقة وإن كانت الأخيرة، وقولي السابقة لأنها التي ينبغي أن يسبق الخاطر إليها ويعملها من ينظم الموشح في الأول، وقبل أن يتقيد بوزن أو قافية».