تُعَدّ التنميةُ المستدامة للقرى التراثيّةِ من أهم أسس تنمية المناطق الريفيّة، وهذا سوف يقود إلى التحوّل الواسع في بِنية المجتمعات الريفية الاقتصادية والاجتماعية، وهذا بدوره سوف يساعد في تلبية الاحتياجاتِ الحاليةِ المستقبلية؛ إذ إن هذا النوع من التراث الثقافي يعد من التحولات التنموية التي تعمل على استثمار الموارد الطبيعية والبشرية التي تتوافر في المناطق الريفية، ولتحقيق ذلك تعد المقومات التنموية التي تمتلكها تلك القرى من أهم العوامل التي ينبغي استثمارها لتحقيق تنمية سياحية مستدامة، ولذلك فإن الدراسة تطرح تساؤلا رئيسًا حول ماذا تمتلك القرى التراثية من دورٍ هامٍ في تحقيق التنمية المستدامة، هذا الدور الذي لم يستغل الاستغلال الأمثل فيما يتوافق مع رؤية المملكة في تحقيق التنمية السياحية.
تأتي أهمية البحث في وجود ما يقارب 5400 قرية تراثية في منطقة عسير ذات الخصائص الحضاريةِ والتاريخيةِ والاقتصادية، وقد اشتملت منطقة الدراسة على 542 قريةً تراثية، وتمثل هذه القرى ما نسبته 7.1% من جملة القرى التراثية في منطقة عسير؛ حيث تأتي منطقة الدراسة في المرتبة الثانية بعد مركزَي محايل عسير والبرك والتي شغلت المركز الأول في عدد القرى التراثية (هيئة التراث الوطني، عسير).
ولكي تحقق هذه القرى التراثية الرؤية السياحية المستقبلية وذلك بأن تصبح وجهة عالمية ليس على المستوى المحلي فقط بل على المستوى العالمي، فإن الأمر يتطلب اهتماما بتلك القرى وإبراز مقوماتها السياحية، واعتمدت هذه الدراسة على مصادر مختلفة تتمثل في التقارير الصادرة من الإدارات الحكومية المختلفة إلا أن الدراسة اعتمدت بشكل رئيس على المسح الميداني لتلك القرى، ومقابلة أصحاب الخبرة، كما تم إعداد استبانة لاستكمال البيانات الميدانية، وفي ضوء استكمال تلك البيانات تم اعتماد المنهج التحليلي ( الوصفي- الكمي) والمنهج التاريخي، الذين وظفت لإخراج الأشكال البيانية والخرائط، وتوصلت الدراسة إلى نتائج وتوصيات تخدم التنمية السياحية المستدامة.