تتناول هذه الدراسة الجهود السياسية والعسكرية للقائد أبي محـمد عبدالله بن عياض في الأندلس، الذي يعدّ أحد أبرز القادة العسكريين، الذين كان لهم جهود بارزة في القرن السادس الهجري في عصر الدولة المرابطية وبداية عصر الموحدين.
تبرز أهمية هذه الدراسة في تسليطها الضوء على شخصية تاريخية مهمة لم تنل حظها من البحث والدراسة في حقبة كساها التمزّق والانحلال والفوضى السياسية، إلى جانب ندرة ما كتبه المؤرخون عن هذه الشخصية، فقد جاءت الكتابات عنه عامة وعرضية، على الرغم من الأهمية العظيمة والدور البارز الذي قام به ابن عياض في شرقي الأندلس، حيث تولى الدفاع عن ثغوره أمام تسارع زحف عدوان ممالك النصارى، وكذلك عمد إلى مجابهة الثورات حينما اجتاحت قواعد الأندلس الشرقية في نهاية حكم الدولة المرابطية، فسعى إلى وحدة الصف وتوحيد الكلمة من خلال تنقّله بين قيادة الجيوش وولاية المدن وإمارة القواعد، وبحكم مملكته المستقلة في شرقي الأندلس الممتدة على طول الأراضي من حوض نهر إيبرو شمالًا حتى حدود لورقة في الجنوب.
تهدف هذه الدراسة إلى إبراز الجهود السياسية والعسكرية للقائد الأندلسي عبدالله بن عياض من خلال عرض الأحوال السياسية لذلك العصر الذي عاش فيه، والأدوار السياسية والعسكرية الهامة التي قام بها ابتداءً من كونه أحد أبرز قادة المرابطين وولاتهم، الذين تصدّوا لعدوان الممالك النصرانية الشمالية والمتمثّلة في مملكة قشتالة وأراغون، مرورًا باستقلاله بالإمارة عن الدولة المرابطية حينما عصفت بها الفتن والثورات فتولى إمارة بلنسية ومرسية، وصولًا إلى قيام مملكته في شرقي الأندلس واستقلاله عن الدولة الموحدية بكثير من مدن شرقي الأندلس وقواعده حتى وفاته.