يتناول هذا البحث بعض النوادر التي تتسم بالغرائبية في كتاب البخلاء للجاحظ - وهى كثيرة - انتقينا منها ما يفي بأغراض البحث من عدة زوايا مثل: غرائبية الشخصية، وغرائبية الصراع، وغرائبية الحدث، وغرائبية المفارقة، وغرائبية الاستدلال، وغرائبية الصورة الديناميكية.
وقد طرح البحث عدة أسئلة حول ملامح الغرائبية في نصوص الجاحظ نحو: ما ملامح الغرائبية في نصوص الجاحظ؟ وما الوسائل الفنية التي اتَّكأ عليها الجاحظ في تصويره لهذه الأنساق الغرائبية؟ وهل استطاع الجاحظ أن يثير دهشتنا، ويحقق ما أراده من إثارة ودهشة القارئ واستنكاره سلوك البخيل مع إعجابه بمنطقه وفصاحته وحسن تخلصه؟
وترجع أهمية البحث إلى: أنه إضاءة جديدة على نص كلاسيكي يفتح أفقا جديدًا لفهم كتاب البخلاء للجاحظ، بعيدًا عن القراءة التقليدية التي تركز على السخرية والضحك، وربط التراث الأدبي النثري بالتصورات النقدية الحديثة، مما يعزز فهمنا لأدب الجاحظ من خلال المفاهيم النقدية الحديثة، بالإضافة إلى الكشف عن رؤية جديدة لفهم عبقرية الجاحظ في توظيف أدواته الفنية، وتقديم نموذج للبخيل المثال/ النموذج، يثير التأمل، ويبعث على الضحك والإعجاب والاستياء معًا، ويحفز الباحثين لإعادة قراءة كتاب البخلاء للجاحظ من خلال رؤى نقدية جديدة.
وقد تجلَت عبقرية الجاحظ في عدم سلبه البخلاء كل الصفات الحميدة، بل أثبت لهم الذكاء، وسرعة البديهة وقوة الحجة، وأنه برع في استنطاق شخصياته بما يتناسب مع مستواهم الثقافي، والاجتماعي والمهني، وأظهر مهارة الجاحظ وقدرته على الاستدلال والاستنباط المنطقي، ليدلل على صحة أفكاره وأحكامه وإقناع المتلقي بمذهبه.