هدفت هذه الدراسة إلى تَعرُّف أهم معوقات القياس في ميدان علم الاجتماع، واقتراح بعض سبل التغلب عليها. واستخدم فيها المنهج التحليلي الاستقرائي، وتوصلت الدراسة إلى أن أهم تلك المعوقات (إنسانية ومنهجية ومجتمعية) تتمثل في: الاختلاف بين البشر وتأثيره على عينة البحث، والتغير الاجتماعي وتأثيره على ثبات النتائج وإمكانية التنبؤ بمستقبل الظاهرة، والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان وعلاقتها بإجراء التجارب على البشر، وعلاقة الباحث بالمبحوث وتأثير ذلك في صعوبة تحقق الموضوعية في القياس، وتعقد الظاهرة الاجتماعية وارتباطها بمكونات الشخصية الإنسانية وعلاقة ذلك بصعوبة فصل عناصر الظاهرة الاجتماعية وتحليلها، وعدم دقة المقاييس الاجتماعية، وهو ناتج عن عدم دقة المفاهيم والمصطلحات في علم الاجتماع، وأثر ذلك على جودة قياس المتغيرات في البحث الاجتماعي، وقد لاحظ الباحث الكثير من التداخل بين هذه المعوقات حيث ارتبط بعضها ببعض وكان بعضها سببا أو نتيجة للبعض الأخر، وذلك لأسباب تتعلق بالطبيعة البشرية للإنسان وسلوكه، سواء كان باحثا أو موضوعا للبحث، وقدم الباحث عددا من التوصيات والمقترحات التي يرى أنها قد تعين الباحثين في ميدان علم الاجتماع و العلوم المتصلة به أيضا. وهي: الحرص الشديد والعناية التامة بتحديد المفاهيم لكل المتغيرات المراد قياسها، والعناية الفائقة باختيار العينة الممثلة للمجتمع أو الفئة الاجتماعية المراد دراستها تمثيلا صادقا، والعمل على تنويع مناهج البحث في الدراسة الواحدة، وكذا أدوات جمع البيانات، وألا يكتفي الباحث بمنهج واحد وأداة واحدة، والإيمان بأهمية البحوث التتبعية للظواهر الاجتماعية؛ حيث من خلالها يمكن التغلب على إشكالية عدم الاستقرار في هيئة الظاهرة الاجتماعية وظروف حدوثها، والحرص على التزام الموضوعية والبعد عن التحيز، وتشجيع الباحثين على إجراء البحوث والدراسات المشتركة التي يشارك فيها باحثون من أطياف مختلفة في المجتمع، وألا يدرس الباحث ظاهرة هو جزء منها أو مشكلة هو يعاني منها، فيصعب عليه الفصل بين ذاته وموضوع بحثه، والانتقال من المنهج التجريبي إلى المنهج شبه التجريبي، وعدم التعسف في مساواة الظاهرة الاجتماعية بالظاهرة الطبيعية.
معوقات القياس في علم الاجتماع وسُبل تذليلها
المجلد الثاني عشر
العدد الأول
مجلة العلوم الإنسانية
علم الاجتماع، الظاهرة الاجتماعية، القياس الاجتماعي، معوقات القياس.